كلماتٌ عاجلة:
الكلمة الأولى:
إنّنا نثمّن الخطوة بإيقاف العمل بقرار مكبّرات الصوت، إلّا أنّنا كنّا نأمل أن يُلغى هذا القرار، فمجرّد الإيقاف يجعله جاهزًا للتحرّك في أيّ وقت، إنّ قراراتٍ من هذا النوع لها تأثيراتها الخطيرة على أوضاع البلد، وعلى مصادرة الحرّيات الدينيّة يجب أن تنتهي، حتّى يطمئن المواطنون أن لا قوانين ولا قرارات تلاحق حرّياتهم، ومساجدهم، وحسينيّاتهم، ومؤسّساتهم الدينيّة...
وهناك قضايا كثيرة تؤزّم أوضاع هذا الوطن، في حاجةٍ إلى مواقف جريئةٍ وجادّةٍ وصادقةٍ من المسؤولين، وليس صعبًا على عاهل البلاد الذي اتّخذ هذه الخطوة بشأن مكبّرات الصوت، أن يُمارس خطواتٍ أخرى كبيرةٍ لإنقاذ هذا الوطن من أزماته الخطيرة، وللدّفع بالحراك السّياسي في مساراته القادرة على معالجة كلّ الإشكالات التي تواجه الواقع السّياسي والأمني...
الكلمة الثانية:
نبارك لجمعية الوفاق الإسلاميّة فوزها الكبير، وهو فوزٌ لكلّ الشّعب والوطن، غير أنّ هذا لا يعني أنّنا راضون بهذا الاستحقاق، فهو لا شكّ أقلّ من حجمها ومن حجم جمهورها التي أعطاها كلمته، فما حصدته جمعية الوفاق من أصواتٍ يجب أن يضعها كتلةً تمثّل الأكثريّة في البرلمان ولهذه الأكثريّة استحقاقاتها، إلّا أنّ ما جرى على الأرض ووِفق التوزيع غير العادل للدوائر، يضع الكتل الأخرى الفائزة بأصواتٍ أقلّ عددًا وبشكلٍ ملموسٍ جدًا هي التي تمثّل الأكثريّة، إنّه نمطٌ انتخابيّ فريد!!، وطرازٌ ديمقراطي متميّز!!
إنّ شعب البحرين الذي عبّر عن مشاركته الكثيفة في الانتخابات يتطلّع إلى مراجعةٍ حقيقيّةٍ للعمليّة السّياسيّة بدءًا من مكوّنها الانتخابي، مرورًا بكلّ مفاصلها ومكوّناتها..
إنّ المشاركة لا تعني البصم على سلامة العمليّة السّياسيّة لقد شارك الشعب وهو يعلم كلّ العلم بالواقع الذي تمثّله هذه العمليّة بكلّ نواقصها وقصورها، وعجزها ومقاساتها، إلّا أنّه أصرّ على المشاركة من أجل التغيير والتصحيح، ومن أجل مواجهة كلّ أشكال التزوير والعبث بحقوق الوطن والمواطنين...
الكلمة الثالثة:
بعد سقوط كلّ الرّهانات لإفشال الوفاق والمشاركة جاءت ردود الفعل مترنّحة ومصدومة...
فمن قائلٍ إنّها صفقةٌ مع السّلطة...
ومن قائلٍ إنّها (العبائة العلمائيّة) التي لولاها ما كانت الوفاق قادرة أن تثبت في معترك الانتخابات...
ومن قائلٍ إنّه الوعي المتخلّف لدى الجماهير..
ومن قائلٍ... ومن قائلٍ...
يبدو أنّ الصدمة غير متوقّعة، ممّا أفقدت هؤلاء الكثير من صوابهم، وتفكيرهم، وتفسيراتهم...
وإلّا فأيّ صفقةٍ ورهاناتُ السّلطة ضدّ الوفاق صريحة كلّ الصراحة، فتأزيم الأوضاع الأمنيّة، والزّج بقراراتٍ مثيرةٍ لجمهور الوفاق، واللّعب الانتخابيّة المكشوفة والمستورة، فهل هذا يترك فرصةً لهذا الوهم المخبول بوجود صفقةٍ من أجل أن تصمت الوفاق في مواجهة ملفّات السّلطة، هذا كلامٌ يمثّل هُراءً وزيفًا وسفهًا سياسيًا..
ثمّ إنّ العباءة العلمائيّة هل تمثّل عباءةً أمريكيّة، أو عباءةً حاكتها أيدي الأجهزة الأمنيّة، أو عباءةً خائنةً لأهداف الدّين والوطن؟!
إنّها عباءة تمثّل كلّ القداسة والطّهر والأمانة والصّدق والإخلاص، والحرص على أمن الوطن واستقراره وعلى حقوق الشّعب ووحدته...
أيّ مشكلةٍ أن يرتدي الوفاقيّون عباءة العلماء الذين لا ريب ولا شكّ في نظافتهم ونزاهتهم؟!
ثمّ هل دخل الآخرون بلا عباءات، فما أكثر الذين دخلوا بعباءة السّلطة، وما أكثر الذين دخلوا بعباءة الحزب...
وليس صحيحًا أن نتجنّى على جمهور الوفاق أنّه لا يملك وعيًا سياسيًا، هذا الجمهور يملك كلّ الوعي، وكلّ الإخلاص، حينما يستجيب لنداء العلماء فهو على بصيرةٍ من أمره، وهو على قناعةٍ بقياداته، وهو يملك كلّ إراداته، وهو صادقٌ مع دينه ووطنه.
لا أعتقد أنّ جمهورًا يملك من الوعي، والصدق، والإخلاص كما يملكه الجمهور الذي يستجيب لنداء العلماء الواعين المخلصين، فلن تفتّ في عزائم هذا الجمهور كلماتٌ ما فتأت تمارس تخديرًا، وتزييفًا، وإرجافًا، وزعيقًا، وكذبًا، وبهتانًا...
الجمهور سوف يبقى جمهور الدّين، والقيم، والحقّ، والعدالة، والإصرار، والصمود، والتحدّي...
وسوف يبقى جمهور العلماء الصّلحاء، والقادة الأمناء... |