قالوا

 يعيش الجميع اليوم عصر الثورة المعلوماتية التي تنتشر فيها الأفكار و المعلومات بسرعة و سهولة من و إلى أي بقعة من بقاع العالم، و لكن ما فائدة هذا الكم الهائل من المعلومات في ظل هيمنة رأي واحد و فلسفة واحدة على نوعية هذه المعلومات، و أعني بذلك الولايات المتحدة الأمريكية التي تعكس بمثل هذه الأفعال حقيقة العالم الذي تمثله و تريد في نفس الوقت.

الأستاذ علي السكري
من الذي صام؟ الدرازيون أم النعيميون؟   |    في ذمة الله الشَّابة زهراء عبدالله ميرزا صالح   |   ذمة الله تعالى الحاجة جميلة حسن عبدالله    |   على السرير الأبيض الحاج خليل إبراهيم البزاز أبو منير    |   برنامج مأتم الجنوبي في ذكرى ولادة السيدة الزهراء    |   في ذمة الله حرم الحاج عبدالله سلمان العفو (أم ياسر)   |    في ذمة الله الطفلة زهراء جابر جاسم عباس   |   نبارك للأخ الطالب محمد حسن علي ثابت حصوله على الماجستير في إدارة الأعمال    |   رُزِقَ الأخ عبدالله علي آل رحمة || كوثر || 12/12/2021   |   دورة تغسيل الموتى    |   
 
 الصفحة الرئيسية
 نبذة تاريخية
 أنشطة وفعاليات
 مقالات
 تعازي
 شخصيات
 أخبار الأهالي
 إعلانات
 النعيم الرياضي
 تغطيات صحفية
 ملف خاص
 خدمات الشبكة
 المكتبة الصوتية
 معرض الصور
 البث المباشر
 التقويم الشهري
 أرسل خبراً
 اتصل بنا
 
تغطيات صحفية
 
(قبرك .. قلبي) الصّم يقهرون الإعاقة على صالة حطّين الإبتدائية
جاسم مُحسن المحارّي - الميثاق - 2006/04/01 - [الزيارات : 3747]

لأول مرة في البحرين وبرعاية نيابية وحضور علمائي ..

(قبرك .. قلبي) الصّم يقهرون الإعاقة على صالة حطّين الإبتدائية

 

يبقى الفن المسرحي، كما يراه عامة الناس وسيلة ترفيهية، أو ربّما طريقة لكسب لقمة العيش، أو وسيلة من وسائل الكشف عن الطبيعة الإنسانية، أو قد يكون هو مجموعة – وفق رأي علماء الاجتماع - من وسائل تعليمية تسعى لأنْ تكشف خفايا المجتمع وأسراره الدفينة؛ بغية تطهير النفس البشرية وعمل التوازن داخل ذلك المجتمع. فالمنظور المنطقي، يعتبر أنّ الحصيلة الدرامية التي خلّفتها العصور التي خلت، من أرقى الإنجازات الذهنية التي حققتها الإنسانية؛ ذلك أنّ هذه الحصيلة – أي المسرح- يتميز عن باقي مظاهر الحضارة المادية، بأنّه لا يشيخ مثلها أو يُهزم أو يندثر كالجماديات الأخرى، بل يتخطى باندفاع كلّ الحدود الزمانية والمكانية، أو بمعنى أنّه يبقى خالداً لا يأبه بحدود الجنس أو الجماعة أو اللغة أو الديانة أو غير ذلك.

إنّ المسرح، هو أبو الفنون جميعها؛ لاحتوائه على جميع أشكال الفنون مجتمعة، تلك  الفنون التي تُقسّم عادةً إلى ثلاثة أقسام، والمسرح يجمعها في شكل فني متكامل مصقول. فهو يشمل الفن المكاني الذي يعتمد في صياغته على التشكيل في الفراغ، والفن الزماني الذي يعتمد في صياغته على التشكيل في الزمن، إلى جانب الفن الذي يعتمد على التشكيل في الفراغ والزمن في آن واحد، وهو أكثر الفنون تعقيداً حيث يقف العرض المسرحي على قمة هذا النوع من الفن. بمعنى آخر، أنّ الدراما المسرحية تتألف من عناصر الأدب، الشعر، النثر، الديكور، المؤثرات السمعية و الصوتية، إضافة إلى الرقص.

هذا الأب – أي المسرح – قد تلاقفته أيدٍ مُبدعة على مدى ليلتين متواصلتين، هذه الأيدي، قد أغدقت عليه من وفير معينها في سجالِ قضيةٍ يصعب على البشرية جمعاء إعطاءها الحقّ كاملاً .. تلك الأيدي امتدت من لدُن فئة – كُنّا نحسبها ذات يوم عالةٌ لا تقوى بكثير على أدنى ممّا عملت في تلك الليلتين، فإذا بها تُوصّل الرسالة واضحة مؤثرة- تلك هي كوكبة الصّم والبكم في منطقة النّعيم الجنوبية.

نعم .. هذه الأيدي تمثلّت في الفريق المسرحي لأعضاء لجنة الصّم والبكمDeafness Committee المُنبثقة عن مأتم محمد حسن التيتون بالنعيم بقيادة المخرج الشاب جابر حسن حبيل، وبالتعاون مع مركز شباب النّعيم، ودعم عيني ومادي مشهود من مركز عبد النبي التجاري ومطعم الأبراج وثريا للإعلان على خشبة مدرسة حطّين الإبتدائية للبنين بالمنطقة نفسها.

لفتة كريمة من الشباب الجُدد ..

        بدايةً، رّحب عضو اللجنة التنظيمية لحفل الإفتتاح محمد جواد مرهون بكبار الحضور والمدعوين والمهتّمين، وشكرهم على تلبية الدعوة بالحضور التي اعتبرها استجابة إنسانية إيجابية منهم حيث قال " نعتزّ بنُبل قصدكم وإيجابية إنسانيتكم لتلبية دعوتنا". وأشاد بالعمل الكبير الذي قام به أعضاء لجنة الصّم والبكم التابعة لمأتم النعيم الجنوبي من خلال سعيها الدؤوب في إدماج ذوي الاحتياجات الخاصة من فئة الصّم في أنشطة وفعاليات المجتمع بعد أنْ تُركت لسنوات طوال مهمّشة. فاليوم تقبل هذه الفئة على تحدّي إعاقتها – على حدّ قوله – لتقف بكل جرأة أمام الجمهور وقُبالة عدسات التلفزيون، فتزيل الرهبة من نفسها، وتخرج برصيد ضخم وإنجاز رائع أبهر جميع الحاضرين.

إنجازٌ وقهر للإعاقة ..

        وأضاف، إنّ هذا الإنجاز الأول من نوعه على مستوى مملكة البحرين، حيث اعتمد على فن الحركة المُتقن، وتداخل المؤثرات الصوتية والضوئية الحديثة، وتمازج الأحاسيس النابعة من الموقف الأليم لواقعة الطّف الأليمة، وما احتواه من نُبل الصّفات وألحان الوفاء والإباء المفعمة بأهازيج الإعتزاز والإفتخار. وقال " إنّ هذه الليلة، هي قهر للإعاقة وإنطلاقة نصر تستحق الإشادة والتقدير الذي أبدع فيه قسم الإخراج في المسرحية". كما أكدّ على نعوت الصبر والتّحمل التي ظهر بها الطاقم الفني للمسرحية، ولا سيّما مخرج المسرحية الشاب جابر حسن حبيل، وهي من الأمور – على حدّ قوله- التي تتطلب في العمل مع الأسوياء، فكيف مع ذوي الاحتياجات الخاصة؛ ممّن اعتمدوا على لغة الإشارة والحركة فقط!

صورة حضارية نفتخر بها ..

        إلى ذلك تحدّث مهدي صالح النعيمي رئيس لجنة الصّم والبكم بالمأتم حيث قال في إشارة إلى حاجة ذوي الاحتياجات الخاصة من فئم الصّم إلى الدعم والمساندة " إنّه لمن دواعي الإعتزاز أنْ نلتقي معاً لمؤازرة أحباءنا فئة الصّم لإحياء ذكرى أربعين سيد الشهداء "ع" .. لنُحيي إحدى شعائر سبط الرسول "ص" المُستقاة من نبع وحي النبوة". وأضاف بأنّ هذا الدّعم والمساندة اللذان تتلقاهما هذه الفئة في سبيل إشراكها في المناسبات الدينية وإماجها في الفعاليات الإجتماعية المختلفة، لا يمكن حصرها على الأسوياء فحسب, بل هي صورة حضارية يُفترض منّا الفخر والإعتزاز بها. وأشار إلى أنّ لجنته كانت في الماضي تسعى لإدماجهم في المجتمع من خلال الفعاليات والمناسبات الإجتماعية الأخرى, وإذا بنا نُفاجأ برغبتهم المُغايرة في أنْ تكون لهم خصوصية تامة، وعلى الأخص في العمل المسرحي.

دورٌ طبيعي لا مشاركة فقط ..

وأشار إلى المُباركة الإلهية والعون من الأيادي البيضاء الجليتان اللتان أدّتا إلى تحقيق أحد أهداف اللجنة، وهي كون أفراد الصمّ أعضاء فاعلين في مجتمعهم ومتفاعلين مع قضاياه  المتنوعة بإيجابية. وأضاف بأنّ الانتقال من الرغبة في العزلة التامة, إلى طلب إعداد مسرحية, لهو الهدف المنشود بل الرؤية المرجوة. وأعرب عن أمله في أنْ يكون هذا العمل نبراس نور يهتف شعاعه بما يدور في خواطرهم، من خلال تركهم لممارسة دورهم الطبيعي في المجتمع, بدلاً من المشاركة في المجتمع فقط.

الحاجة إلى دعم المجتمع ..

وفي تصريح لراعي الحفل، أكدّ النائب عبد الهادي أحمد مرهون النائب الأول لرئيس مجلس النّواب على دعمه لكافة أفراد ذوي الاحتياجات الخاصة على اعتبار أنّ هذه الفئة من الشرائح التي يقوم عليها مجتمعنا البحريني. وأضاف بأنّ انخراط هذه الفئة في المجتمع من الضرورات التي تقتضيها النظرة الإنسانية والقناعة بأهمية دعم كل فرد من أفراد المجتمع حتى يصبح عنصراً فاعلاً ومنتجاً في محيطه المجتمعي عبر توظيف طاقاته الكامنة؛ خدمة لمجتمعه. فقال " إنّ انخراط هذه الفئات في المجتمع، هي ضرورة تقتضيها النظرة الإنسانية والقناعة بأهمية دعم كل فرد من أفراد المجتمع؛ ليُصبح عنصراً فعّالاً من العناصر المؤثرة والمُنتجة في هذا المجتمع، كما تقتضيها النظرة بإمكان تفعيل الطاقات الخفية لدى هذه الفئات والاستفادة منها في خدمة القضايا المجتمعية".

دعم المؤسسات الرسمية والأهلية ..

        كما عبر مرهون عن سعادته للمستوى الممتاز الذي ظهرت به المسرحية " قبرك .. قلبي "، والتي أدّتها مجموعة من الصّم والبكم، لأول مرة في البحرين، مُشيداً بالجهود التي قامت بها لجنة الصّم والبكم بمأتم محمد حسن التيتون بالنعيم، ومركز شباب النعيم على الجهود التي بذلاها لإظهار وإنجاح هذا العمل بالشكل اللائق. كما دعا – في الوقت نفسه- إلى بذل المزيد من الجهود من قبل القائمين على رعاية فئات وشرائح ذوي الاحتياجات الخاصة، آملاً في زيادة دعم المؤسسات الرسمية والأهلية والقادرين لها من أجل شحذ طاقاتها ومواهبها، وإبرازها والإستفادة منها في المجتمع.

 

 

لجنةٌ جامعةٌ مُحتضنةٌ ..!

        سيبقى الفن المسرحي – وفق رأي المختّصين في هذا الفن الدرامي – من أصعب الفنون وأعقدها، باعتباره عمل كلّي يتألف من عناصر أو أجزاء معينة. فهو يتكون من فصول عدة، وعدد من المشاهد، إلا أنّ هذه الأجزاء الكميّة ليست في أهمية الأجزاء الكيفية التي حدّدها أرسطو منذ حوالي ثلاثة وعشرين قرناً من الزمان بستة عناصر، وهي الحبكة، الشخصية، الفكر، اللغة، الغناء، والمنظورات المسرحية. إلى جانب أعضاء جماعة المسرح التي تتضمن المؤلفون، الممثلون، المخرجون، الفنيون، وأحياناً الجمهور المُتفرج والمُتفاعل نفسه. وبالمثل، ستظل إعاقة الصمم - التي قُسمّت إلى شديدة أو عميقة، متوسطة، خفيفة - ستظل تُلقي بظلالها على مختلف الجوانب اللغوية والمهارية الأخرى في حياة الشخص الأصّم، ليكون الإرتكاز في عملية تواصله مع الآخرين والمحيط على إشارات يديه في اصطلاحية دّالة على أشياء حسّية يمكن أنْ يُبصرها، أو معنوية يمكن أنْ يقف على معانيها.                            

وإذا ما وجّهنا بأنظارنا إلى الواقع قليلاً ما، فإننّا – ولنكن أكثر صراحةً ووضوح – سنرى أنّ أفراد هذه الفئة، غرباء تحت تصنيف "درجة أولى" في عالمنا! إلى أنْ يتعلموا اللغة المُحيطة بمنطوقها ومكتوبها، وكذلك نحن غرباء بنفس الدرجة التصنيفية في عالمهم، إلى أنْ نفقه لغتهم المُتمثلة في الحركة والإشارة! والغريب أيّاً كان الحال لأحد الفريفين، فسيُحتّم عليهم إمّا أنْ يتعلموا لغة المجتمع الذين وجدوا أنفسهم غرباء فيه ويتكيفوا معه، أو يكوّنوا علاقات اجتماعية طبيعية، ويصبحوا عناصر فاعلة نشطة تُؤثر وتتأثر. وإمّا أنْ يبقوا على حالهم غرباء، ويقفوا على هامش مجتمعهم بصمت يرقبوا ويترّقبوا!

وفي هذا وذاك، نرى بأنّ الجهود سواء أكانت على مستوى فردي أو جماعي في أيّ موقع أو محفل، أو في أيّ فعالية أو مناسبة؛ إذا ما استُغلّت الإستغلال الأمثل، ووُجهّت بنور وبصيرة من لدُن قُلوب مُحبّة وعُقول نيّرة توجيهاً دؤوباً، فستكون – لا محالة – خلاصتها نقية تفيض ببذل وعطاء منقطع النظير، لتّصبّ في مصبّ التآلف والتعاضد الذي يؤدي في نهاية المطاف إلى القوة والتحصين الذي لا يشوبه كللّ أو ملّل كما هو في الإعتياد المُتعارف. وإذا ما سرنّا بالدقة نفسها في حديثنا، فإنّه يتحتّم علينا القول دون مواربة أنّ "لجنة الصّم والبكم" بجمعية مأتم النعيم الجنوبي قد صوبّت العالمين – عالم الصّم وعالم المجتمع المحيط - في بوتقة واحدة حتى صارا عالمان ذو عشرة ذات أمد بعد أنْ كانا يجهلان أنفسهما بتصنيف الدرجة الأولى!

 

طباعة : نشر:
 
يرجى كتابة التعليق هنا
الاسم
المدينة
التعليق
من
رمز التأكيد Security Image
 
جميع الحقوق محفوظة لشبكة النعيم الثقافية © 2003 - 2025م